ويدلكم على أن الحدود من قَبيل الواجب المعين: سنَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القولية، والعملية.
أما القولية: فإنّا نراه حين يذكر الجناية يذكر بجانبها الحد الشرعي، كما قال في السرقة:"لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يد"، وقوله:"وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطع محمد يدها".
وأما السنَّة العملية: فإنه لم يعاقب من شرعت في حقهم الحدود إلا بهذه الحدود.
وليصرف صاحب المقال نظره عما يزعمه غير المؤمنين؛ من أن هذه الحدود عقوبات لا تلائم حال المدنية، ويذكر لنا مثلاً من مصالح الزمان والمكان التي تقتضي أن تكون عقوبة مرتكب جريمة السرقة، أو فاحشة الزنا، غيرَ ما ورد في الشرع، ويقول لنا: ما هي العقوبة المبتدعة التي تفعل في حفظ الأموال والأعراض ما يفعله القطع أو الجلد؟
بقيت آيات الحدود منذ عهد النبوة محفوظة من عبث المؤوّلين، لا يختلف العلماء في أن الأوامر فيها للوجوب، وأن من أضاعها، وهو قادر على إقامتها، فهو فاسق أو جاحد، إلى أن ظهرت فئة خاسرة؛ مثل: زعيم طائفة القاديانية محمد علي؛ إذ حاول أن يفتح في حصن تلك الأوامر ثلمة، فقال - وتابعه في رأيه أبو زيد الدمنهوري - إن السارق: من اعتاد السرقة، والزاني: