للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يلذّ له السفر إلى الجزائر؛ لما يجده لدى أهلها من شدة الحرص على المذاكرات العلمية، ولاسيما في أحكام الشريعة وآدابها، حتى إن سكان "وادي سوف" وما حوله من القرى كانوا يستقبلونه بغاية البشر والاحتفاء، ولشغفهم بدراسة الحديث والتفسير، كان يقضي الصباح والمساء وصدراً من الليل في إلقاء دروس وعظ بالجامع، أو في مجالس تعقد بمحل إقامته.

أقرأَ صاحب الترجمة بجامع الزيتونة الأعظم فنوناً وكتباً متعددة؛ مثل: "شرح الدردير لمختصر خليل"، و"مختصر السعد"، و"شرح المحلى بجمع الجوامع"، و"شرح الأشموني لألفية ابن مالك"، و"التنقيح" للقرافي، و"المثل السائر" لابن الأثير، وأقرأ دروساً من "تفسير القاضي البيضاوي" بمسجد الشيخ سيدي قاسم الزلّيجي، حضرها طائفة من أذكياء أهل العلم، ولم ينقطع عنها إلا برحلته الشرقية.

ونشر في الجرائد مقالات وقصائد اجتماعية إصلاحية؛ كقوله من قصيدة نشرت في جريدة "الزهرة":

إن الحياةَ هي الأيامُ زاهرةٌ ... ولا أرى الموْتَ غَيْرَ العَيْشِ في نكًدِ

ولا يَطيب الفتى عيشاً إذا نَسَجَتْ ... في أرضِه مُزْنةٌ والناسُ في جَرَدِ

وإنما الشعبُ أفرادٌ مؤلفةٌ ... في هيئةِ الفرد ذو قلبٍ وذو جَسَدِ

أما الفؤادُ فأربابُ السياسةِ إنْ ... هَمّوا بخيْرٍ فباقي الجسمِ في رَشَدِ

وإن ذَكَتْ أمةٌ لانتْ قِلادتُها ... بكفِّ قائدِها في السهْلِ والسَّنَدِ

والعِزُّ في الدولةِ العُظمى إذا بُنِيَتْ ... على أساسٍ من الأحْكام مُطَّرِدِ

تحمي حقوقَ بني الإنسانِ قاطبةً ... لايعتدي أحدٌ منهم على أَحَدِ