والعدلُ أن يرِدوا فصلَ القضيةِ مِنْ ... باب المساواةِ لا إيثارِ ذي حَفَدِ
وكيف يَرْجَحُ أقوامٌ ووزنُهُم ... فيما يُحَدُّ به الإنسانُ لمْ يزدِ
إن الرعيةَ أعضاءٌ مساعدةٌ ... للمُلْكِ بالرأي والأموال والحَشَدِ
تلكَ العظائمُ لا تشتدُّ أزْمتُها ... وطئاً إذا ضربوا فيها يداً بيدِ
كذا المشاكلُ لا تجلو غوامِضَها ... إلا بمجلس شورى راسخِ العُمُدِ
وإن تصادمتِ الأفكارُ لاح سنى ... حَقٍّ وأصبَح ذاك الحقُّ في زردِ
والقابضونَ على أمرِ السياسةِ لا ... يسرُّهُمْ أنْ تُرى الأقلامُ في صَفَدِ
يسمو بهم شرفُ الوجدانِ أن يضَعوا ... نظامَهُم بمكانِ العير والوَتدِ
الخضر بن الحسين
وفي سنة ١٣٣٠ هـ انتقل إخوته ووالدته إلى الشام، ونزلوا في دمشق، والتحق بهم صاحب الترجمة بعد شهر، فمرَّ بمصر، واقترح عليه الطلبة قراءة درس بالجامع الأعظم، فألقى درساً في قوله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: ١٢٢} الآية. وبعد أن مكث فيها ثلاثة أيام سافر إلى دمشق، فقضى فيها نحو شهر ونصف، وتعارف من خلال هذه المدة بكثير من علمائها وفضلائها، وألقى دروس وعظ بالجامع الأموي، ثم سافر إلى الآستانة، ودخلها أيام أعلنت الحرب بين الدولة العلية والبلقان، وأقام بها نحو أربعين يوماً نزيل خاله الأستاذ الشيخ محمد المكي بن عزّوز، فتعارف ببعض أهل الشرف والعلم، وتروّر على مكاتبها، وعاد إلى تونس في ذي الحجة آخر تلك السنة، وتوارد العلماء والفضلاء من أهالي الحاضرة على تهنئته بالقدوم، وواصل دروسه بجامع الزيتونة، ونشر خلاصة من