للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحلته في جريدة "الزهرة".

وفي سنة ١٣٣١ هـ ألقى محاضرة موضوعها: "مدارك الشريعة الإسلامية وسياستها" بنادي جمعية قدماء تلاميذ المدرسة الصادقية، وحضرها -كالمحاضرتين السابقتين- جمّ غفير من العلماء والناشئة المتنورة. وفي هذه السنة عقدت الحكومة لجنة لتأليف كتاب شامل لتاريخ المملكة التونسية، وعينته عضواً في هذه اللجنة، فعمل معها بضعة أشهر. وفي شهر شعبان من هذه السنة أزمع الرحلة إلى الشام، فسافر على طريق الجزائر، وفي بلدة "تبسّة" احتفل به مؤسسو مدرستها، والتمسوا منه الإقامة لديهم على الوجه الذي يختاره، فاعتذر، وغادرهم إلى مدينة "عنّابة" حيث ركب الباخرة إلى مرسيليا، ثم إلى الإسكندرية، ثم إلى مصر، فأقام بها ثلاثة أيام، التقى فيها بالأستاذ السيد رشيد رضا، ورفيق بك العظم صاحب "أشهر مشاهير الإسلام"، وغيرهم، ثم انتقل إلى الشام، ودخل دمشق في أوائل شهر رمضان، وألقى دروساً بالجامع الأموي، حضر بعضها الأستاذ محمد أفندي كرد علي، ونوَّه بشأنها في جريدة "المقتبس". ثم في أواخر هذا الشهر سافر إلى المدينة المنورة للتبرّك بالحضرة النبوية ومشاهدها المحترمة، فأقام بها نحو خمسة عشر يوماً، قضاها في مذاكرات علمية وأدبية، واقترح عليه طائفة من أهل العلم قراءة درس في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: ١٠١] الآية. فأجاب مقترحهم، وقرأه بالحرم النبوي ما بين المغرب والعشاء، وهناك أنشد قصيدته في الحضرة النبوية التي يقول في طالعها:

أُحَييك والآماقُ ترسلُ مَدْمَعا ... كأنيَ أحدو بالسلامِ مُوَدِّعا

وما أدمعُ البُشرى تموجُ بِوجْنَةٍ ... سوى ثَغْرِ صبًّ بالوصال تَمَتّعا