هي: أنه كان -رغم تكوينه الزيتوني التقليدي- صاحب ثقافة واسعة، وفكر متفتح، ونفس ذوّاقة للفن والأدب، فقد كان يحب الشعر، وينظم القصائد العصماء، وله ديوان ضخم بعنوان:"خواطر الحياة" أصدره في سنة ١٩٤٦ م. وألف كتاباً في "الخيال في الشعر العربي" ظهر في شكل مقالات، ثم طبع في عام ١٩٢٨ م. . . كما له عدة مصنفات متنوعة يفوق عددها عشرة عناوين، دون بعض المجلات التي أسسها، وأبرزُها "السعادة العظمى"، وهي أول مجلة تونسية في سنة ١٩٠٤ م. . . وقد تأهل الشيخ محمد الخضر حسين- بفضل ثقافته القيمة، وسعة اطلاعه وعلمه الغزير- ليشع داخل الوطن وخارجه. . . فكان عضواً بالمجمع العلمي بدمشق، وعضواً بالمجمع اللغوي بالقاهرة. . . وانتمى إلى جامعة الأزهر، وشغل بها عدة وظائف، أهمها: توليه عن جدارة رئاسة مشيختها في سنة ١٩٥٢ م.
هذه -أخي القارئ- لمسة وفاء مقتضبة أسوقها إلى روح أحد الأعلام الروّاد الذين أحبوا تونس، وآمنوا بحظوظها، فنذروا العمر لخدمة الفكر، وتطوير المجتمع، وازدهار البلاد، وأقدموا على تضحيات جسام بما فيها الموت. فهم قد آمنوا بأن الموت خلود وحياة. . . خلود لهم، وحياة لوطنهم وأمتهم. . .