للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتردّد اسم تونس في ديوان "خواطر الحياة" في عدد من القصائد والمقطوعات، منها: موشّح طويل يبثّ فيه أشواقه إلى وطنه تونس، ويرسل تحيّاته إليه، ويثير ذكرياته به، ويخاطب مواقع جميلة:

حيّا ربَى تونسَ ذات الزّهور ... عهدُ السّرورْ

وافترّ في طلعةِ تلكَ القصورْ ... أنسُ البدورْ

يصف محمّد الخضر حسين تونس بالجمال، ويرسم نفسه المشوقة التي تحسّ بداء الغربة وهو داء عضال، قد ذهب الشّاعر له فريسة يلهب خياله:

ما ليَ لا ألمحُ من ذي الجمالْ ... سوى الخيالْ

ألَمْ يكنْ يُدْني قطوفَ الوصالْ ... بلا مَلالْ

الشوقُ ألقى مُهْجتي في نضالْ ... ماضي النّصالْ

ماذا ترى والهجرُ فيما يُقالْ ... داءٌ عُضَالْ

ويقول:

يا موْطني لم أنس عهدَ الشّبابْ ... عذبَ الرِّضابْ

بَيْني وبين المجد عهدٌ يُهابْ ... فلا عِتابْ

إنهّ ابتعد عن موطنه لبناء مجده في دار الغربة، وليخدم بلاده، فكان من رجالات النّهضة في العالم العربي في النّصف الأوّل من القرن العشرين.

ويحنّ الشّاعر إلى شاطئ المرسى المونقال في طالما تمتعّ بالتّنزّه فيه،

فيشير إلى النّسمات العليلة التي تهبّ من البحر، فتسْتروح النّفوس، إنّها

نسمات الوطن المحمّلة بالنّفحات العبقة التي تهبّ برداً وسلاماً على القلوب،

فتحييها من ركودها، وتجدّد نشاطها وإلهامها:

يا نسمةً ماست كشارب راحْ ... قبل الصّباحْ