لقول القائل:"كلما زاد علم الرجل، خفض جناحه، كالشجرة كلما زادت ثمارها، تواضعت أغصانها".
وحقيقة يا سادتي! إن السيد الخضر طراز نادر في هذا الزمن! فهو - على امتلائه بقدر من العلوم والمعارف قلّما يتيسر لغيره من معاصريه، وعلى نباهة شأنه بين أهل زمانه، حتى إنه ليعدّ حجة من حجج الإسلام -هو- على هذا كله - خافض الجناح، مصفى الخلق، متواضع، يسير في طريقه كما يقف في صلاته. وناسُ هذا الزمان أعلى رؤوسهم أفرغُها، وأرفُع أصواتهم أنكرُها، فهم كالطبول تملأ الدنيا ضجيجاً، ولكنك إذا غمزتها بإبرة، تكشفت لك عن تجويف وفراغ.
وناحية أخرى في السيد الخضر جديرة بالاقتداء: هي عمله الدائب للإسلام -على شيخوخته وعلو سنّه-، ولن ينسى الذين رأوه في الاجتماعات التمهيدية لتأسيس (جمعية الشبان المسلمين) في ذلك المكتب التاريخي بدار المكتبة السلفية، تلك الشيخوخةَ الجليلة المتحمسةَ المواظبةَ، التي كانت تأبى إلا أن تتولى الأعمال الكتابية في تلك الجلسات، دون أن تتركها للشباب.
فبمثل هذا فليقتدِ الذين يريدون أن يعود مجد الإسلام.
فإلى هذا الينبوع يرجع قسط عظيم مما فينا من ماء، ولولاه لخرجنا كما يخرج أغلب شباب هذا البلد، لا نرمي إلى غاية، ولا نسعى إلى مثل، فهما أحق بالتكريم لا نحن -بارك الله فيهما، وأثابهما كفاء ما لهما من فضل-.
* من خطبة الأستاذ الشيخ عبد القادر يوسف:
منذ خمس سنين أو يزيد، فكرتُ أنا وفريق من إخواني شباب الأزهر الناهض فيما وصلت إليه حال المسلمين من الضعف والانحلال، تلك الحال