التي سهَّلت لأعداء الإسلام الاجتماعَ والتآمر ضدَّه، وفكرنا مع ذلك في الدعايات الواسعة النطاق التي قامت بها جيوش أهل الباطل، هذه الدعايات التي نظمت وأحكمت: فمن جمعيات للتبشير تغزو قلوب الشباب تحت ستار العلم، وتلقي في روعه الشك، وتزحزحه عن دينه بزخرف القول وزوره، ومن مستشفيات يستغل المشرفون عليها ما بالمريض من ضعف، وما عنده من أمل في الشفاء؛ ليؤثروا على عقيدته. ومن جرائد تنفث سموماً فتاكة باسم المدنية والتجديد.
في هذا الجو الذي تجاوبت فيه أصداء المضلّلين، وتكاثفت فيه سحب الباطل، حتى كادت تحجب ضياء الحق؛ عقدنا النية على القيام بعمل يُناهض عملَ المبطلين. ولما اختمرت الفكرة في نفوسنا، عرضناها على رجل من كبار المصلحين، عرفنا فيه العزم الصادق، والإيمان الثابت، والتضحية بمثلها الأعلى في سبيل إعلاء كلمة الله. ذلكم الرجل العامل هو صاحب الفضيلة السيد محمد الخضر حسين. عرضنا فكرتنا على فضيلته، فتقبلها بقبول حسن، وأنبتها نباتاً حسناً. فكان قبوله لها أكبر مشجع لنا على السير في طريقنا، وما زال يتعهدنا بنصحه، ويرسم لنا الطرق المجدية حتى برزت الفكرة من حيز القول إلى حيز العمل، فظهرت هذه الجمعية الناهضة، وشعارها: الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.