وكما هو واضح، فقد كان الشيخ يملك طموحاً كبيراً تعجز تونس عن استيعابه، لذلك أدرك أنه لابد من الهجرة إلى الشرق، وخاصة أنه كان يعارض الاحتلال الفرنسي بشدة، ويعتبر السلطان العثماني هو صاحب الولاية الشرعية على بلاد المسلمين.
ولذلك اختار أن يسافر إلى دمشق التي كانت لا تزال في قبضة الوالي العثماني الصارم جمال باشا، وكان يحكمها باسم السلطان العثماني.
والأكيد أنه لعب دوراً أساسياً لصالح تركيا وألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وهو ما جعل الفرنسيين يطلبون رأسه، ويحكمون عليه بالإعدام عقبَ سفره من تونس، ثم يكررون الحكم عقب استيلائهم على دمشق في ١٩١٦ م.
ومن الواضح أن حياته في دمشق لم تكن سهلة؛ فقد تعرض هناك للاعتقال، وإن كان قد حقق ما أراد من الالتحام بالحركة السياسية في المشرق العربي.
لكن الجزء الأهم من أوراق شيخ الأزهر هو ذلك الذي يروي فيه سفره لألمانيا بعد سقوط "الآستانة" في يد قوات الاحتلال بثلاثة أيام. وهو يذكر علاقته بعدد من الساسة المصريين الذين كانوا وقتها رجال السلطان العثماني، قائلاً: "في سنة (١٣٣٣ هـ ١٩١٥ م) سافرت إلى الآستانة بطلب من وزارة الحربية، وقابلت أنور باشا، وتقرر سفري إلى ألمانيا، فسافرت يرافقني أحد الضباط الألمانيين، ومررنا على رومانيا، والنمسا حتى وصلنا إلى برلين، ووجدت في المحطة الشيخ عبد العزيز جاويش، والدكتور منصور رفعت، ونزلت المنزل الذي به الشيخ جاويش، والشيخ عبد الرشيد إبراهيم، وقابلت