أصدقاء، وإنما رجال السياسة هم الذين يحملون العداوة لألمانيا".
إن الشيخ -وكما روى في أوراقه- عاد من ألمانيا إلى دمشق بعد هزيمة دول المحور، لكن الحال لم يطل به هناك؛ إذ يقول في إحدى أوراقه: "دخلت فرنسا دمشق، وكانت قد حكمت عليَّ في تونس أيام الحرب بالإعدام، فقررتُ التخلص إلى مصر، وسعى الدكتور سعيد الأسيوطي لدى المعتمد الإنجليزي، فأصدر في جوازاً منه إلى مصر".
ثم يروي قصة دخوله مصر قائلاً: "سافرت من دمشق على سكة حديد يوم الاثنين ٢٤ من ذي القعدة ١٣٣٨ هـ، وبتُّ ليلة بحيفا، واستأنفت السفر من الغد إلى القاهرة. نزلت بالمحطة، ولقيت بها الأستاذ خير الدين الزركلي، وأحمد أفندي عبيد، وبت تلك الليلة في نزل (دار السلام)، وذهبت صباحاً إلى رواق المغاربة، وأجرت غرفة متواضعة بربع في الباطنية.
ثم أخذ التعارف بيني وبين علماء الأزهر يزداد يوماً فيوم، فعرفت الشيخ محمد حسنين مخلوف، والشيخ عبد الكريم عطا، والشيخ محمد شتاكرد، وزرت الشيخ أبا الفضل في الجامع الأزهر، فرأيت منه عطف شيوخ الأزهر الذين يراعون الصلة العلمية، ولا ينظرون بعدها إلَّا إلى الرابطة الإسلامية".
وعندما اشتعلت معركة "الإسلام وأصول الحكم"، شنّ الخضر حسين هجوماً ضارياً على علي عبد الرازق، وألف كتاباً يرد فيه على كتابه. وهو يروي هذه الوقائع في أوراقه قائلاً: "وكنت أزور جعفر باشا والي بالمطريَّة، فأرى منه احتفاءً وحسنَ لقاء. وفي أيام ولايته لوزارة المعارف نُدبت للتصحيح بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية.