للحث على الطهر والعفاف إلى الأمر بستر العيوب والنقائص عن الناس، إلا عن الأزواج والخدم، ولم يكتف بهذا التأويل السخيف، فقال عقبه:"ومن البلاغة في التعبير أن لفظ (أو) أفاد التنوع بين ما يباح للأزواج، وما يباح لملك اليمين؛ إذ يوجد من العيوب ما لا ينبغي كشفه على الخدم". ولا ندري كيف يفهم من (أو) العاطفة لـ {مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} على قوله: {أَزْوَاجِهِمْ}[المؤمنون: ٦] التنويع بين ما يباح للأزواج، وما يباح لملك اليمين، وهذا الذي يباح للصنفين - فيما زعم - لم يذكر في نظم الآية؟
والإسلام جاء، فوجد عادة الرق جارية بين المتحاربين، فهذّبها، وترك الأخذ بها لاجتهاد الإمام، ولكنه أوصى بالإحسان إلى الرقيق، والرفق به، وندب إلى تحرير الرقاب، وجعله كفارة لبعض ما يرتكبه الإنسان من عمل سيئ؛ كالظهار، والفطر في رمضان، والحنث في اليمين، وقتل النفس خطأ، وجعل في يد الحاكم عتق الأرقاء الذي يلحقهم ممن هم تحت أيديهم ضرر فادح، وتفويضُ أمر الاسترقاق إلى الإمام يجعل له الحق في العدول عنه كما هو مفصل في كتب الأحكام.
وأنكر إباحة تعدد الزوجات الذي جرى عليه السلف من الصحابة
فمَن بعدهم، وجعل آية:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}[النساء: ٣] خاصةً باليتامى، فقال:" {مِنَ النِّسَاءِ}: نساء اليتامى الذين فيهم الكلام؛ لأن الزواج منهن يمنع الحرج في أموالهن"، ثم قال:"ولتعلم أن التعدد لم يشرع إلا في هذه الآية بذلك الشرط السابق"؛ يعني:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}، واللاحق؛ يعني:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا}[النساء: ٣].