ومن البيِّن تجافي هذا المعنى الذي ذكره المؤول عن نظم الآية، ومن أظهر الوجوه التي يستقيم معها النظم، ولا تمس إجماعَ المسلمين من الصحابة فمَن بعدهم بشيء: أن يكون المعنى: وإن خفتم أن تهضموا شيئاً من حقوق اليتامى؛ لضعفهن، وتحرجتم منها، فدعوا التزوج بهن، وانكحوا ما طاب لكم من النساء غيرهن مثنى وثلاث ورباع.
* زعْمُه أن المسلمين يروون الأحاديث النبوية عن اليهود:
لا يبالي المؤول أن يتكلم في غير أمانة، ويقول ما لا يطابق الواقع، ومن أمثلة هذا: أنه تعرض عند تأويل قوله تعالى: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا}[الإسراء: ٤٧] لما ورد في سحر بعض اليهود للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال:"من الغريب - مع هذا الدليل المبين -: أن المسلمين ينقلون في كتبهم: أن النبي سُحر؛ بناء على حديث رواه اليهود، كما ينقل النصارى أن المسيح صُلب؛ بناء على رواية اليهود أيضاً".
من يقرأ هذه الجملة يفهم منها: أن حديث سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - تلقاه المسلمون عن اليهود، والحقيقة أن الحديث مروي بأسانيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه، وفي هذا الحديث: أنه علم بهذا السحر من طريق الوحي، ومن رواته من الصحابة - رضي الله عنهم -: عائشة، وابن عباس، وزيد بن أرقم، ثم رواه عن هؤلاء جماعة من الثقات حتى بلغ الأئمة: البخاري، ومسلماً، والنسائي، والبيهقي، وغيرهم، ولا صلة لحديث السحر بيهودي سوى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه بما فعل اليهودي لَبيدُ بن الأعصم من السحر.
وأنكر بعض الناس هذا الحديث في القديم، وأخذهم الريب فيه من ناحيتين: