فهو منذ أقام في مصر بعد الحرب العالمية الأولى يحمل هذه الرسالة، ويعمل في كل هذه الميادين: الإسلام، واللغة، والكفاح السياسي.
وكان محمد الخضر حسين مستنيراً، متفتح الذهن، يدعو إلى الإصلاح على أسس قاعدة علمية واضحة، فهو يعتمد الرأي حيث يثبته الدليل، ويتقبل الحكم متى لاحت بجانبه حكمة، ويثق بالرواية، بعد أن يسلمها النقد إلى صدق الغاية.
ومن رأيه: أن على العلماء قول كلمة الحق لأهل الحل والعقد دائماً، وعدم التوقف عنها.
"لا ينبغي لأهل العلم أن يغفلوا عن سير أرباب المناصب والولايات، فمن واجبهم أن يكونوا على بينة من أمرهم، حتى إذا أبصروا عوجاً، نصحوا لهم بأن يستقيموا، أو رأوا حقاً مهماً، لفتوا إليه أنظارهم، وأعانوا على إقامته.
ومن أدب العلماء: أن ينصحوا للأمة فيما يقولون أو يفعلون، ويحتملوا ما ينالهم في سبيل النصيحة من مكروه، وكم من عالم قام في وجه الباطل، فأوذي، فتجلد للأذى! ".
وقد كانت حياة الخضر حسين رمزاً على هذا المعنى، معنى: طلب الحرية، والهجرة من بيئة الظلم؛ فقد فر من تونس، ومن الشام، ومن تركيا، وكان فراره؛ ليحتفظ لنفسه بحقه في الكلمة، يقول:"نشأت في بلدة من بلاد الجريد بالقطر التونسي يقال لها: "نفطة"، وكان للأدب المنظوم والمنثور في هذه البلدة نفحات تهب من مجالس علمائها، كان حولي من أقاربي وغيرهم من يقول الشعر، فتذوقت الأدب من أولى نشأتي. وحاولت وأنا