للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكم وفي مقدمة هذه الدراسات: كتاب "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم " للشيخ محمد الخضر حسين، وهو من علماء تونس، وكان قد لجأ إلى مصر يطارده حكم بالموت من محاكم فرنسا العسكرية بتونس، فجاء كتابه أثراً علمياً جليل القدر، فقد خلا من كلمة جارحة يوجهها للمؤلف الشيخ علي عبد الرازق، أو عبارة نابية، بل قنع بتوجيه الكلام إليه، إما بلفظ: "المؤلف أو: "صاحب الكتاب".

وكان المأمول أن يرد الشيخ علي عبد الرازق على كتاب الشيخ الخضر حسين- رحمهما الله- بشيء يساويه عمقاً وشمولاً، ولكنه آثر الصمت، واختار العافية، ولا يستطيع أن يدعي أنه فعل ذلك إشفاقاً من شر خطير يناله؛ فقد وجه -وهو يودع العمامة والزيَّ الأزهري- إلى علماء الأزهر كلاماً عنيفاً، وهو يعلم أن هؤلاء الأزهريين قادرون على أن يؤلِّبوا عليه الرأي العام. ثم ماذا كان معه؟ اشتغل بالمحاماة الشرعية، واطمأن إليها، وكسب منها مالاً غير قليل -كما يقول بعض المتصلين به-, ثم شارك في السياسة، حتى اختير وزيرًا، وظفر بلقب الباشاوية، وهذا كله يدل دلالة قاطعة على أنه كان في وسعه أن يواصل نشر فكرته، وبث دعوته، وأن يخلق من كتابه حركة فكرية.

فإذا أضفينا إلى كتاب "الإسلام وأصول الحكم" نعتاً من النعوت التي تجعله معلَماً من معالم الفكر المصري أو العربي، فنحن نصف الأشياء بأكثر مما تستحق، وإذا أردنا أن نضع اسم صاحب الكتاب في قائمة المجددين، وأبطال التحرير العقلي في بلادنا، فالتاريخ والحقيقة يأبيان ذلك ويرفضانه.

وقد حدث مثلُ ذلك تماماً مع الدكتور طه حسين في كتابه "في الشعر