حيث التحق بجامع الزيتونة سنة ١٨٩٩ م، والذي يشبه جامع الأزهر في عظمته وشموخه كقبلة لعلوم الدين، ونال فيه شهادة العالمية عام ١٣١٧ هجرية، وعندما تخرج، تولى قضاء "بنزرت" ومنطقتها، وكان يخطب في جامعها، وشارك في تأسيس (الجمعية الزيتونية)، ثم عين مدرساً بمعهد الزيتونة.
كان يهوى الشعر ... فكان شاعراً مجيداً، نظم قصائد رائعة، وندد فيها بالاستعمار الفرنسي لتونس، وقد اشتهر بعدائه للسياسة الفرنسية، التي كان يهاجمها في مجلة "السعادة العظمى"، وكان يبث روح المقاومة في تلاميذه، ويريد بذلك أن يغرس فيهم الروح الوطنية، والحرية الإنسانية التي يدعو إليها الإسلام، فحقد عليه الاستعمار، ودُبرت له مكيدةٌ سياسية قُدِّم من أجلها للمحاكمة، وحُكم عليه غيابياً بالإعدام ... فهاجر إلى بلاد الشام، ومعه عائلته، وفيها تولى تدريس العلوم العربية والدينية في المدرسة (السلطانية)، وقد أوفده أنور باشا وزير الحربية التركية إلى ألمانيا في مهمة سياسية، فقضى فيها ٩ أشهر حتى عاد بعدها للشام، وفي تركيا أسند إليه تحرير القسم العربي بوزارة الحربية، وكانت له أنشطة فكرية وأدبية واسعة هناك، وعندما احتل الحلفاء الآستانة، عاد إلى ألمانيا مرة أخرى، وبعد ذلك رحل إلى مصر عام ١٩٢٢ م ليشتغل بالكتابة والتحرير، وإلقاء الدروس حتى عام ١٩٣١ م.
وكان الشيخ محمد الخضر حسين قد التحق بالجامع الأزهر، وحصل على شهادة العالمية، ثم حصل على الجنسية المصرية.
وألف رسالته القيمة "الخيال في الشعر العربي"، وأسس (جمعية تعاون جاليات إفريقية الشمالية)، وكان دائب الحركة، يحاضر، ويسطر المقالات، ويكتب البحوث، وعندما ظهر كتاب "أصول الحكم" للشيخ (علي عبد الرازق)،