أما الكتاب الأول، فقد ظهر في سنة (١٣٤٤ هـ ,١٩٢٦ م)، وأثار ضجة كبيرة، وانبرت الأقلام بين هجوم عليه، ودفاع عنه، وقد صدم الكتاب الرأي العام المسلم حين زعم أن الإسلام ليس دين حكم، وأنكر وجوب قيام الخلافة الإسلامية، ونفى وجود دليل عليها من الكتاب والسنّة، وكانت الصدمة الثانية: أن يكون مؤلف هذا الكتاب عالماً من علماء الأزهر.
وقد نهض الشيخ محمد الخضر حسين لتفنيد دعاوى الكتاب، فأصدر كتابه:"نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم" سنة (١٣٤٤ هـ، ١٩٢٦) تتبع فيه أبواب كتاب علي عبد الرازق، فكان يبدأ بتلخيص الباب، ثم يورد الفقرة التي تعبر عن الفكرة موضوعِ النقد، فيفندها، ونقد استخدام المؤلف للمصادر، وكشف أنه يقتطع الجمل من سياقها، فتؤدي المعنى الذي يقصده هو، لا المعنى الذي يريد المؤلف.
وقد كشف الخضر الحسين في هذا الكتاب عن علم غزير، وإحاطة متمكنة بأصول الفقه، وقواعدِ الحجاج، وبصيرة نافذة بالتشريع الإسلامي، ومعرفة واسعة بالتاريخ الإسلامي ورجاله وحوادثه.
وأما الكتاب الآخر، فقد ظهر سنة (١٣٤٥ هـ , ١٩٢٧ م)، وأحدث ضجة هائلة؛ حيث جاهر مؤلفة الدكتور طه حسين بالاحتقار والشك في كل قديم دُوِّن في صحف الأدب، وزعم أن كل ما يُعد جاهلياً، إنما هو مختلَق ومنحول، ولم يكتف بهذه الفرية، فجاهر بالهجوم على المقدسات الدينية؛ حيث قال:"للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، ولكن هذا لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي ... "، وقد انبرت أقلام غيورة لتفنيد ما جاء في كتاب "الشعر الجاهلي" من أمثال: الرافعي،