تضايق المتزمتون الرجعيون من سلوكه وأفكاره، فأُبعد عن العاصمة؛ حيث عين قاضياً في "بنزرت"(١٩٠٥ م). وحدث أن ألقى محاضرة في نادي قدماء الصادقية سنة (١٩٠٦ م) بعنوان: "الحرية في الإسلام"، فضايقته السلطة الاستعمارية، فاستقال من منصبه القضائي.
ثم اجتاز بنجاح مناظرة التدريس من الطبقة الثانية في جامع الزيتونة (١٩٠٧ م)، فعين بعدها مدرساً بالمدرسة الصادقية.
وبسبب كونه من دعاة الجامعة الإسلامية، فقد ذاق مرارة الظلم في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى. فرحل بعدها إلى الآستانة، حيث يقيم خاله محمد المكي بن عزوز، وعاد إلى تونس بحراً في (٢ كتوبر/ سنة ١٩١٢ م)، فمنع من التدريس بالصادقية؛ بحجة تأخره يومين عن افتتاح العام الدراسي بالمعهد، فآثر الهجرة إلى بعض أقطار الشرق، ومعه إخوته الأربعة.
زار مصر والشام والحجاز، وبلداناً أخرى؛ كألبانيا، وتركيا، ومعظم دول البلقان، واستقر بدمشق، ومارس التدريس بالمدرسة السلطانية فيها إلى سنة (١٩١٧ م). وقد سجنه جمال باشا السفاح بضعة أشهر بتهمة التستر على الحركة العربية السرية المناهضة للأتراك، حوكم، فثبتت براءته مما اتهم به.
ثم أرسل في وفد من العلماء إلى ألمانيا مكلفين بمهمة من قبل الدولة العثمانية، ولبث فيها نحو تسعة أشهر، تعلم في أثنائها اللغة الألمانية، وتردد بين برلين والآستانة خلال الحرب العالمية الأولى، ومكث ثانية ببرلين نحو سبعة أشهر، وحين عاد إلى الآستانة، وجدها قد سقطت بأيدي قوات الحلفاء، فذهب إلى دمشق، وفيها الأمير فيصل بن الحسين، فسمي مدرساً في ثلاثة معاهد هي:(المدرسة العثمانية، والمدرسة العسكرية، والمدرسة السلطانية).