أما خاله، فهو الإمام الرحلة السيد محمد المكي بن عزوز المالكي، فهو من كبار علماء عصره، اشتهر بالحديث والفقه، والأصول والأدب، مع الصلاح الظاهر، وترى في "فهرس الفهارس" للسيد عبد الحي الكتاني -رحمه الله تعالى- ثناءً كبيراً عليه في المقدمة، وفي ترجمته: توفي في إستنبول سنة ١٣٣٤ هـ -رحمه الله تعالى-. وترجمه ابن أخيه السيد محمد الخضر، وله قصيدة في رثائه أثبتها في "ديوانه"، وهو من أمنِّ الناس عليه في العلم.
وفي سنة ١٣٠٦ هـ انتقلت أسرته من "نفطة" إلى تونس، وكان قد تلقى بعض المبادئ الشرعية والعربية، وتأدب بأدب الإسلام، فالتحق بجامع تونس الأعظم الزيتونة سنة ١٣٠٧ هـ، وتلقى العلم عن جهابذة علماء الزيتونة.
وفي سنة ١٣٢١ هـ حصل على الشهادة العالمية، وطلب منه التدريس، ولكنه أبى، وواظب على حضور دروس مشايخه، منهم: سالم بن عمر بوحاجب، وخاله المكي بن مصطفى عزوز، وصالح الشريف، والمفتي محمد بن عثمان بن النجار، وغيرهم من أكابر علماء الزيتونة.
وفي سنة ١٣٢٤ هـ تولى القضاء بمنطقة "بنزرت"، والتدريس والخطابة بجامعها، ولكنه بعد عشر سنوات ترك القضاء؛ لأن الجمع بينه وبين حياته العلمية صار صعباً عليه، فجلس للتدريس بجامع الزيتونة، وفي المدرسة الصادقية بتونس، واعتنى بالكتب الملحقة بالزيتونة، وقام بترتيبها.
وفي أثناء تدريسه كان له عدة محاضرات في أماكن متعددة، دعا فيها إلى طاعة الله تعالى، والوقوف على أسرار أحكام الشريعة المطهرة، ومجاهدة الكفار، واعتنى باللغة العربية اعتناء قلَّ نظيره.