وفي سنة ١٣٢٩ هـ وُجهت إليه بسبب مهاجمته للكفار تهمةُ العداء للغرب، وأصبح ملاحَقًا، فسافر إلى الآستانة متذرعاً بزيارة خاله المذكور، ثم عاد إلى تونس، ولكنه وجد الأمر كما هو أولاً، فعزم على الهجرة إلى دمشق الشام -حرسها الله تعالى-, فمر في طريقه إليها بمصر، واجتمع بالنخبة المختارة؛ كالشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ حسونة النواوي، والشيخ أبي الفضل الجيزاوي، والشيخ طاهر الجزائري، وصديقه الحميم -فيما بعد- أحمد تيمور باشا، وغيرهم.
ولما وصل دمشق، اعتنى بمقابلة العلماء، وتفحص المخطوطات، ودرس اللغة العربية في المدرسة السلطانية بدمشق.
وفي سنة ١٣٣١ هـ ركب سكة حديد الحجاز لزيارة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأداء المنسكين، فتم له ذلك، وله قصيدة في هذه الزيارة ذكرت في "ديوانه".
وفي أثناء تدريسه للغة العربية في دمشق درس كتاب "مغني اللبيب عن كتاب الأعاريب" لابن هشام الأنصاري، المتوفى سنة ٧٦١ هـ بمحضر جماعة من حذاق الطلاب، وكان يرجع في المسائل المتعلقة بالسماع والقياس إلى الأصول المقررة والمستنبطة، فاقترح عليه بعض الطلاب جمعَ هذه المحاضرات، فألف مقالات تشرح حقيقة القياس في اللغة العربية، ومنها ألف كتابه الفذ "القياس في اللغة العربية" المطبوع مرات. وتردد في هذه الفترة ما بين إستانبول ودمشق، وفي أثنائها دخل السجن، ثم أفرج عنه بواسطة أنور باشا.
وبعد تدهور الأحوال في الشام، ودخول الكفار، هاجر الشيخ إلى مصر سنة ١٣٢٩ هـ.