يجيء الكاتب إلى الحديث الصحيح، ويحاول رده بزعم أنه تُكلم في سنده، وليس لهذا الزعم وجه سوى أن الحديث لا يوافق الرأي الذي أحبَّ تقليده؛ كما قال:"وروى بعض أهل الحديث: أنه - عليه السلام - قال ما معناه: "النساء ناقصات عقل ودين"، ورغماً مما قيل في سند هذا الحديث إلى النبي، فإنه - على فرض صحته - لا يدرى أكان يحدثنا به عن أصل تكوين المرأة في جوهرها - ولا دليل على ذلك من لفظ الحديث -، أو هو يعبر عن حالتها في تلك العصور، يعتذر عن بعض هفواتها لسائليه أو سامعيه".
كلامه هذا يدل على أنه متهجم على الشريعة بهوّى أكَمَّهُ، وأنه لا يتكلم في الدين بعد البحث ولو قليلاً، والحديث الذي أشار إليه الكاتب مروي في "صحيحي البخاري ومسلم"، ولفظه في البخاري:"ما رأيتُ من ناقصاتِ عقل ودين أذهبَ للبِّ الرجلِ منكنَّ، قلن: وما نقصانُ ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادةُ المرأة مثلَ نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك نقصانُ عقلها. أليسَ إذا حاضت، لم تصلِّ، ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك نقصان دينها".
فالحديث في الصحيح، وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا أراد منه، والوجه الذي ذكره في نقصان دين المرأة يرجع إلى أمر لازم لها من جهة الأنوثة، وهو الحيض، فإن كان للعصور طور ينقطع فيه الحيض عند النساء جملة حتى يؤدين الصلاة والصيام في أوقاتهما المحدودة، لم يكنَّ حينئذ ناقصات دين.
والوجه الذي ذكره عليه - الصلاة والسلام - في نقصان عقلها - أعني: عدم مساواة شهادتها لشهادة الرجل - مبني على ما يغلب على النساء من