للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا احتفالنا الآن يمثل انتصار العقل على الوجدان، فلنا أن نعتبره رسمًا محسوساً يشخص معنى فلسفياً علياً.

ما كان للعقل أن ينتصر على وجداننا القوي، لولا تجلي المستقبل من خلال هذا الارتقاء باسمًا عن نتائج علمية، وأريج ثناء تفخر به الفيئة الأدبية (وربما غُلب القوي بابتسامة تملك لبّه) سيظهران للعيان في استقامة وكمال صديقنا هذا، اللذين لم يزالا مجهولين عن كثير من الذين لم يبتلوا أخلاقه، كما يجهل شذى العنبر من لم يختبره.

وقد عرفت الحكومة من صديقنا هذا، وعرف الناس منه، بما جاءت مجلته العلمية العظمى (١)، التي أنشأها في السنة الماضية من البرهان على أن في الطبقة العلمية العربية التونسية، المتهمة بالبعد عن الشعور بالحاجات القومية، رجالاً يقتاد الواحد منهم الأفكار، ويأتي بالآيات والأعمال الكبار.

هكذا جعل رفيقنا هذا بمجلته لهاته الفيئة اسماً شهيراً في النهضة، وهو اليوم يرفع شأن أهل التحرير في أعين من يسوء ظنهم فيه؛ إذ يرون كافة ثقة الحكومة، لهذا أسهم بواحد من رجال القلم .. وهو بذلك ثاني رجل في الإِسلام ارتقى من دور التحرير إلى مقام الخطط الشرعية، ولعلكم تعرفون أن الأول هو الأستاذ الشهير الشيخ محمد عبده.

عجباً لناموس الارتقاء كيف تأخذ نظائره بأيدي الاتحاد، فتنتاب الأفكار كما تنتاب الأمم والأفراد.


(١) إشارة إلى مجلة "السعادة العظمى" التي أصدرها الإمام محمد الخضر حسين بمدينة تونس.