للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسنعود إلى هذا البحث في مقال آخر - إن شاء الله - (١).

ودعا الكاتب إلى السفور مفتوناً بحال المرأة الأوربية، وزيَّن لقراء كتابه أن يجمعوا بين نسائهم وفتيانهم وأصدقائهم للمحادثة، ولم يكتف بقول بعض أهل العلم: إن الزينة الظاهرة المأذون في إبدائها بقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] هي الوجه والكفان، فقال: "إن ما ظهر من الزينة وقع في القرآن مبهماً؛ اعتباراً منه لأعراف الناس في ذلك بتطور الزمان". والناظرون في الشريعة بإخلاص يرون أن القرآن إذا نهى عن إبداء الزينة، فإنما يريد: قطعَ وسائل الفجور، فليس لأحد أن يجعل هذا من قبيل ما يراعى فيه العرف، حتى إذا جرى عرف قوم بكشف المرأة لصدرها أو ساقيها، قضى فيه بالإباحة - على زعم أن القرآن أبهم ما أباح إبداءه من الزينة؛ ليؤخذ فيه بأعراف الناس -، والرجوع في مثل هذا إلى العرف يفتح طرقاً من الشر إنما جاء القرآن ليسدها.

ونحن ممن يدعو إلى تعليم البنات وتهذيبهن، وإكرام الزوجات ورعاية حقوقهن، والرفق بالنساء لضعفهن، ولكننا ننكر هذا الذي يدعو إليه الكاتب من الإغضاء عنهن إلى حد الاختلاط برجال ليسوا بمحارم لهن، فإن ذلك مما نهت عنه الشريعة، وأرتنا المشاهدُ رأيَ العين أنه أقربُ الوسائل إلى تلويث الأعراض، ونكدِ العيش، وهو إلى ابتذال المرأة أقربُ منه إلى كرامتها، وإلى عنائها أقربُ منه إلى راحة بالها، فالكاتب يعبث بحقوق المرأة المسلمة من وراء العبث بأحكام الشريعة، ويعمل لأن يفسد عليها دنياها قبل أن


(١) انظر كتاب: "الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان"، بحث: تعدد الزوجات في الإسلام - للإمام محمد الخضر حسين.