وقرأنا للكاتب بعد هذا جملاً كثيرة يطعن بها في علماء الإسلام، ويقذفهم فيها بأنهم لم يفهموا مقاصد الشريعة، ذلك لأنهم لم يمنعوا تعدد الزوجات، ولم ينزعوا حق الطلاق من يد الرجل، ولم يجعلوا ميراث الأنثى مساوياً لميراث الذكر، ولم يأذنوا للناس في أن يضعوا حبل الفتاة على غاربها تجتمع مع من تشاء، إلى نحو هذا من الشهوات التي لو طاشت إليها آراؤهم، لانطفأت حكمة الله، واندرست معالم الهداية، فلا قرآن يُتلى، ولا سنَّة تُروى، وعلى الدين الحقِّ يومئذ السلامُ.
وكان من رأينا صرف القلم عن ذكر هذا الكتاب؛ اكتفاء بما تناولته به أقلام أهل العلم في تونس من الرد المحكم، ولكن الدعاية التي قام بها شركاء صاحب الكتاب في مصر دعتنا إلى أن نذكره، ونُري القراء مثلاً من باطله؛ ليحذروا فتنة، ويعلموا أن في الشرق نفوساً تقضي باسم الشريعة مآرب قوم يبتغون فساد ما بقي فينا من عقيدة سليمة، وأدب نُغبط عليه، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٥٠]