للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخبرنا الشيخ الخضر -لما أعلمناه بما ذكر- بأن ما وقع من إكرامنا لم يقع لغيرنا، وأن عادته إذا أتى أكبر كبير، يذهب معه للأقسام، ويقول له: سل عما شئت، ولا يعرض للوافد، ولا يشيعه، وكان ذلك في يوم الأحد المذكور.

وفيه زرنا العلامة النحرير، فريد عصره الشيخ بدر الدين، عالم البلد بدار الحديث، التي كان بها الإِمام النووي وغيره، وهي مدرسة كبرى، فوجدنا الشيخ ببيت منها، وهو رجل مسن عليه علامة الصلاح، وحوله كتب، وهو يتدفق علماً، فسأل سي العربي بسيس عن أحوال المسلمين مع الدولة الحامية، فأجابه بأن الشعائر مقامة على أحسن ما يكون، وأنهم أحسن من غيرهم في الدول الأجنبية، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله.

ثم قال: روينا بالسند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحب في الله، والبغض في الله من الإيمان"، ثم سألته أن يجيزني، فأجابني إلى ذلك.

واستدعانا الشيخ الخضر للعشاء بداره، وحضر معنا إخوته وابن أخيه، وذكر لنا أنه لما ذهب إلى المدينة المنورة في رمضان، أنشأ قصيدة في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووعدني بإعطاء نسخة منها، وذكر أنها نشرت بالجرائد الشرقية، والتمستها منه ليسلم لي الجريدة التي فيها. وجرت بيننا مذاكرات أدبية، وأنشدنا بيتين، ذكر أن رجلاً أتى إلى صلاح الدين الأيوبي بمروحة، وقال له: هذه هدية لم ينلها أحد من أسلافك، ولا من الملوك، فغضب صلاح الدين، فقال له: اقرأ ما بها، فإذا بها منقوش:

أنا من نخلة تجاور قبراً ... ساد من فيه سائرَ الناس طرّا