الذي تجتمع حوله قلوب المسلمين على اختلاف مشاريهم، وتباين جنسياتهم، والمصدر الذي تصدر منه بواعث حركتهم، ودواعي سكوتهم.
على أن مؤلف كتاب "الإسلام وأصول الحكم" وقد تعرض لهذا الموضوع الخطير بصفمَه عالماً من علماء الإِسلام، وقاضياً من قضاة المحاكم الشرعية في مصر، لم يتجه في مباحثه الاتجاه الذي كان يجب أن يتجه فيه مؤلف اجتمع له مثل هاتين الصفتين الإسلاميتين، ولم يبن آراءه ونظرياته التي قصد إلى إذاعتها وترويجها بتأليف هذا الكتاب على أدلة تشهد بأنه درس العلوم الإسلامية، وتشبّع بمبادئها، وفهم أغراضها ومراميها، وأدرك حقيقة المصالح والثمرات التي يستفيدها الناس بالعمل بها، والسير على منوالها، بل كان اتجاهه في مباحثه اتجاه رجل يخالف المسلمين في عواطفهم وميولهم، وكانت الأدلة التي أقام عليها آراءه ونظرياته أدلة رجل لم يدرس العلوم الإِسلامية، ولم يدرك أسرارها, ولم يتشبع بمبادئها، وإنما هو رجل مهوّش أراد أن يستثمر ماله من صفة دينية في سبيل نشر مبادئ وآراء لا تقبلها العلوم الإسلامية، ولا ترضاها العقول السليمة، ولا تؤيدها أدلة صحيحة، فكأنما كان كل همه أن ينتزع من النفوس يقينها واطمئنانها، ويحل محلهما الشك والاضطراب.
ولسنا نتهم الرجل بسوء النية، وفساد الطوية، ولكنا نظن أنه كان يقرأ للعلماء الأجانب أكثر مما يقرأ للعلماء المسلمين، وان ذلك قد أثر في نفسه حتى خضعت لآراء الأجانب، واعتادت تلقيها بالقبول دون موازنة بينها وبين الآراء الإسلامية، وتمييز ما فيها من طيب وخبيث، وكان من أثر ذلك أن ضعفت الآراء الإسلامية في نظره، وانحطت قيمتها، وانطفأ نور أدلتها، والعقول مهما