رجحت، فلن تسلم من خطأ، والنفوس مهما قويت، فلن تبرأ من ضعف. وفوق ذلك، فإن موضوع كتابه من الموضوعات المتروكة التي يجهلها أكثر الناس، والتي لا يكاد يستطيع البحث فيها بحثاً علمياً صحيحاً إلا أفراد قليلون من علماء المسلمين ... كل هذه العوامل مجتمعة هي التي أثرت في مؤلف كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، فحملته على أن يخرج للناس كتابه الذي أثار ما أثار من عواصف شديدة، وجدل عنيف.
على أن لكتاب "الإسلام وأصول الحكم" فائدة عظيمة لم نكن لنحصل عليها لولا صدوره، ولم يكن ليستفيد منها كثير من الناس لو لم يثر ما أثار من عواصف وجدال.
تلك هي تحرك العلماء إلى البحث في هذه الموضوع، والكتابة فيه، مبينين وجه الحق والصواب، كل بقدر ما وسعه طوقه، وأحاط به علمه. فقد بقيت الصحف المصرية عدة شهور تنشر الفصول الممتعة، والمقالات الضافية في هذا الموضوع، والناس يقرؤونها باهتمام عظيم، ورغبة صادقة.
ولكن هذه الفصول والمقالات التي كانت تنشرها الصحف، لم تكن خالصة للبحث العلمي البريء الذي يهدم الشكوك، ويزيح عن وجه الحق سحب الغموض والإبهام، بل كانت مشحونة بما أثارته كهرباء الغضب والحنق التي استولت على أكثر الكاتبين؛ مما حطّ من قيمة هذه المقالات، وذهب برونقها، وأضعف من فائدتها.
لذلك بقي أكثر الناس يعتقدون أن كتاب "الإسلام وأصول الحكم" لا يزال قائماً يبث الشكوك والأوهام في النفوس والعقول، حتى ظهر كتاب "نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم" الذي ألفه فضيلة الأستاذ (السيد محمد