وفي مقدمتهم الوزير الشيخ محمد العزيز بوعتور، والشيخ سالم بوحاجب.
ثم قُلِّد القضاء في مدينة "بنزرت"، والخطابة والتدريس في جامعها الكبير. ولم يكتف بعمله الرسمي، بل عمد إلى إلقاء المحاضرات العامة.
وضاق ذرعاً بقيود الوظيفة الرسمية وأصفادها، فاستعفى، وعاد إلى تونس متبرعًا لإلقاء الدروس في المعهد الزيتوني، وقدر ولاة الأمر خدمته، وشريف مقصده، فعينوه مدرساً رسمياً في معهد "الزيتونة"، وعضواً في ترتيب مكتبته، ومدرساً في المدرسة الصادقية، وعهدت إليه الجمعية الخلدونية في إلقاء محاضرات على طلبتها في آداب اللغة العربية. ولما قامت الحرب الطرابلسية، نظم عدة قصائد في الحث على معاونة الطرابلسيين كان لها أحسن وقع في القلوب، وبسط الأكف، ثم سافرت أسرته إلى دمشق، فلحق بها، وقضى بالقاهرة ثلاثة أيام، فألقى في الأزهر درساً في قوله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}[التوبة: ١٢٢]. فأدرك السامعون مقامه وفضله، وتابع سفره إلى دمشق، ثم قَصد الآستانة في أيام الحرب البلقانية، وزار مكتباتها ومعاهدها العلمية، وتعرف إلى علمائها وآدابها، وعاد إلى تونس مدرساً ومحاضراً، ثم قصد المدينة المنورة، فإستنبول، فدمشق مدرساً للفلسفة والآداب العربية في المدرسة السلطانية.
وقضى أيام الحرب العظمى متنقلاً بين برلين وإستنبول ودمشق. ففي برلين تعرّف إلى كبار العلماء المستشرقين، وزعماء الحركة المصرية، وفي مقدمتهم المرحومون الشيخ عبد العزيز جاويش، ومحمد فريد، وإسماعيل لبيب. وفي إستنبول عين في قسم المباحث السياسية بوزارة الحربية، فواعظاً