أورد المؤلف لهذا الكتاب مقدمات في فضل اللغة العربية، ومسايرتها للعلوم والمدنية، وحالها في الجاهلية، وارتقائها في الإسلام، وجعله إياها لغة للشعوب، وبحث في وجه الحاجة إلى إنشاء مجمع لغوي ليرفع لواء اللغة العربية في الشرق والغرب، ثم بعد أن مهد المؤلف تمهيداً بين فيه حاجتنا إلى القياس في اللغة، عقد فصلاً ممتعاً تحت عنوان: أنواع القياس، وما الذي نريد من بحثه في هذه المقالات، استهله بقوله: تجري كلمة القياس عند البحث في معاني الألفاظ العربية وأحكامها، فترد على أربعة وجوه:
١ - حمل العرب أنفسهم لبعض الكلمات على أخرى، وإعطاؤها حكمها لوجه يجمع بينهما.
٢ - أن يعمد إلى اسم وضع لمعنى يشتمل على وصف يدور معه الاسم وجوداً وعدماً، فتعدي هذا الاسم إلى معنى آخر تحقق فيه ذلك الوصف، وتجعل هذا المعنى من مدلولات ذلك الاسم لغة، ومثال هذا اسم (الخمر) عند من يراه معتصراً خاصة.
٣ - إلحاق اللفظ بأمثاله في حكم ثبت لها باستقراء كلام العرب حتى انتظمت منه قاعدة عامة؛ كصيغ التصغير والنسب والجمع.
٤ - إعطاء الكلمة حكم ما ثبت لغيرها من الكلم المخالفة لها في نوعها، ولكن توجد بينهما مشابهة من بعض الوجوه؛ كما أجاز الجمهور ترخيم المركب المزجي قياساً على الأسماء المنتهية بتاء التأنيث. ثم قال- بعد أن بسط القول في هذه الأقيسة الأربعة التي أوردنا منها ما يدل عليها -: وهذا النوع من القياس، والذي قبله-أي: الثالث والرابع- هما موقع النظر، ومجال البحث في هذه