للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصنهاجي، كان لتلك الحركة من الرجّة والاضطراب والزعزعة ما يكون لمحاولة الفكاك بين جسمين منساقة جاذبيتهما إلى الائتلاف.

وفاضت عن أرض مصر الزحفة الهلالية السلمية تجدد اللحام المنفك بتجديد المدد البدوي الذي هو جرثومة التكون الاجتماعي، فتكوّن المغرب العربي بذلك تكوناً جديداً، وانتعشت فيه روح العروبة بعد الذبول.

وكان ما عانته البلاد التونسية من جراء ذلك حقبة من الدهر، هو ما تعانيه الأجسام الحية من أزمات العناصر الملقحة التي تدخل عليها لتجددها.

ثم جاء الدور الصليبي، فانتظم القطران صفاً في مكابدة المحنة، ومجابهة الهجمة، وكان تشابه الظروف التي جرى فيها الطغيان واتحاد أشخاص الطاغين مظهراً جليلاً لوحدة ما بين القطرين سياسياً، في الوقت الذي كانت فيه هذه الوحدة تزيد تأَكداً من الجهة الروحانية بنزول الشيخ أبي الحسن الشاذلي بالإسكندرية، واتخاذها مهداً لطريقته التي عمت منها العالم الإسلامي، وتنفست في شاطئها عن مثل الأدب الصوفي الذي بلغ شأوه الأبعد في حِكَم ابن عطاء الله، وشعر ابن الفارض، والبوصيري، وتتوثق الوحدة من الجهة العلمية بمثل صلات محمد بن جابر الواد آشي بالبدر بن جماعة، ورواية شيخ الإسلام ابن حجر عن شيخ الإسلام ابن عرفة، وتخرج السخاوي والمقريزي عن ابن خلدون، وما انضم بُعد من سلاسل لا تحصى في الأخذ والتخرج والرواية والأجدة والتدبيج، حتى صارت تونس من إمداد الأزهر، وهو من مواردها، وسهل انضواء القطرين معاً تحت العلم العثماني لحماية الإسلام في البحر المتوسط صلاتُ الثغور التونسية بثغر الإسكندرية، وعلاقة رجال جامع الزيتونة بالجامع الأزهر وشيوخه على ما بدت في ارتباط اسم أحمد