بقضية بلاده، وبالقضايا الإسلامية والعربية؛ مما عرضه للأخطار والأهوال؛ إذ غضب عليه المحتلون، وضيقوا عليه الخناق، ثم أصدروا عليه حكماً بالإعدام، ولكنهم لم يستطيعوا تنفيذه؛ لأنه هاجر بنفسه في سبيل مبادئه وعقائده. فرحل إلى الشام، وإلى الحجاز، وإلى تركيا، وإلى ألمانيا. وفي أثناء الثورة العربية خلال الحرب العالمية الأولى اعتقله جمال باشا التركي الملقب بالسفاح. ويقي في الاعتقال فترة طويلة، ثم أفرج عنه، وكان في هذه المحنة رفيقاً للرئيس شكري القوتلي، وكان شكري إذا لقي الشيخ في مصر خلال السنوات الأخيرة يداعبه قائلاً:"أهلاً بزميلنا في أيام الشدة والبؤس" ..
ثم رحل الشيخ إلى مصر سنة ١٩١٩ م، ونال الشهادة العالمية من الأزهر، وبذلك تحققت آمال والدته فيه؛ لأنها كانت تحمله وهو صغير، وتغني له بغناء شعبي تقول له:
يا ربي الأكبر ... تخلّي لي محمد الأخضر
يقرأ في الجامع الأزهر ... ويشتهر في المالكية
وعين الشيخ مدرساً في الأزهر، ثم أستاذاً في كلية أصول الدين، واشترك في إنشاء "جمعية الشبان المسلمين"، وأسهم في وجوه كثيرة من النشاط العلمي والأدبي والديني. فكان محرراً لمجلة "نور الإسلام"، ورئيساً لجمعية "الهداية الإسلامية"، وعضواً في "المجمع اللغوي"، وعضواً في جماعة كبار العلماء، ومحرراً لمجلة "لواء الإسلام"، ثم اختير شيخاً للأزهر في عهد الثورة، وظل فترة في هذا المنصب الخطير، ثم استقال، واعتكف في بيته يبحث ويكتب، حتى وافاه الأجل المحتوم في الثاني من فبراير سنة ١٩٥٨ م.
من كان يظن أن هذا الحديث الذي دار بيني وبين الشيخ -رحمه الله-