للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمالكيُّ ابنُ نصرٍ زار في سفرٍ ... بلادنا فحمدْنا النأي والسفرا

إذا تفقَّه أحيا مالكاً جدلاً ... وينشرُ الملك الضليل إن شعرا

ودخل أبو عبد الله المقري المغربي دمشق الشام، فأقبل عليه أهلها باحتفاء، ومنحوه رقة وأنساً، حتى أنشد مشيراً إلى انقسام فؤاده بين دمشق ووطنه:

إلى الله أشكو بالمدينة حاجةً ... وبالشام أخرى، كيف يلتقيان؟

تشهد هذه القصص التي ملئت صحف التاريخ بأمثالها: أن العلماء ما كانوا ليستصعبوا فراق أوطانهم، حتى تفقدهم شدة ألفها عن الرحيل إلى حيث تكون سوق المعارف قائمة، وبضاعة الأدب نافقة، أو تشد وثاقهم ليقيموا على هون وغضاضة؛ لأن هممهم إنما كانت تتجه إلى الحياة الاجتماعية الأدبية، فيسهل على (العالم) -ولا سيما أن بلاد الإسلام (وطن واحد) - أن يتحول إلى حيث يكون نظام الاجتماع راقياً، ومجال العمل فسيحاً.

* بقصر آل عاشور بتونس:

ومن مصر نعود بالقارئ إلى تونس؛ لتحدثه على اجتماع علمي ضم عدداً من علماء تونس، ولم يحضره الأستاذ الخضر، وذلك بقصر الأستاذ الطاهر بن عاشور بالمرسى، فارتجل الأستاذ الطاهر بهذين البيتين، وهما (١):


(١) ذكر لي الكاتب الإسلامي الكبير، والقاضي التونسي الفاضل الأستاذ محمود الباجي -رحمه الله-: أنه حضر من المغرب العالمان الجليلان الشيخ شعيب الدوكالي، والشيخ عبد الحي الكتاني، ونزلا في دار الإمام محمد الطاهر بن عاشور في المرسى، ولما لم يجدا الإمام محمد الخضر حسين، أرسل الإمام الشيخ محمد الطاهر البيتين إلى صديقه الإمام الخضر في جامع الزيتونة بتونس. وروى العجز في البيت الثاني: وفي مجمع البحرين لا يفقد الخضر