ولد شيخنا المرحوم محمد الخضر حسين عام ١٢٩٣ هـ في مدينة "نفطة" الجمهورية التونسية، وأبوه من أسرة شريفة، أصلها من الجمهورية الجزائرية، وكانت أمه من صالحات النساء، وله فيها قصيدة:(بكاء على قبر) لما بلغه خبر وفاتها سنة ١٣٣٥ هـ. وكان أبوها الشيخ مصطفى بن عزوز من أهل العلم والفضل، له ترجمة في تاريخ الوزير أحمد بن أبي الضياف، وأبو جده لأمه محمد بن عزوز من الأفاضل أيضاً، وله ترجمة في كتاب "تعريف الخلف برجال السلف" للشيخ الحفناوي بن عروس، وخاله السيد محمد المكي بن عزوز من كبار العلماء الصالحين، وكان موضع الإجلال والاحترام من رجال الدولة العثمانية في العهد الحميدي، وقضى الشطر الأخير من حياته في الآستانة برغبة من السلطان، وله مؤلفات معروفة، ولشيخنا الفقيد قصيدة في تأبينه ووصفه بمناسبة وفاته سنة ١٣٣٤ هـ أثبتها في (ص ١٨٠) من "ديوانه" في طبعته الثانية.
وفي سنة ١٣٠٥ انتقلت أسرتهم من "نفطة" إلى العاصمة التونسية، وكان الفقيد في الثانية عشرة من حياته، وقد تأدب قبل ذلك بأدب الإسلام، وتلقى كتاب الله، ومبادئ العلوم الشرعية والعربية، فلما نزلوا تونس، التحق بجامع الزيتونة الأعظم، وأخذ يتنقل في مراحل التعليم، وكان من أبرز شيوخه: العلامة الكبير المرحوم سالم بو حاجب المولود ببلدة بنبلة، والمتوفى سنة ١٣٣٩ هـ -رحمه الله-، ولفقيدنا أبيات في وصفه ورثائه هي في "ديوانه"(ص ١٠١).
وفي سنة ١٣٢١ حصل على شهادة العالمية من جامعة الزيتونة المعمور، وما لبث أن أصدر مجلة "السعادة العظمى"، وأخذ يساهم في النهضة العلمية والأدبية، ويباري رجالها لإحراز قصبات السبق طمعاً في مرضاة الله، وفي