ومهما كان ما بين الباحثين في هذا الموضوع من الاختلاف عميقاً وجوهريا، فالذي يسترعي الانتباه فيه: اشتراكهما في عنواني كتابيهما إلى حد أنه يكاد يكون عنواناً واحداً.
فإذا كانت محاضرة أبي القاسم الشابي الشهيرة تحمل عنوان:"الخيال الشعري عند العرب"، فإن محمد الخضر بن الحسين له كتاب كذلك يحمل عنوان:"الخيال في الشعر العربي".
ترى أيكون هذا وسابقه كلاهما من باب الصدفة .. مجرد الصدفة؟ أم هناك تعمل وتعمد؟ فما بواعثه؟ وما مسماه وأبعاده؟
ولئلا نظلم أياً من الرجلين، نتساءل، ونحتفظ بالإجابة:
أي الأديبين أسبق إلى إعداد ديوانه، وإلى اختيار ما أزمع أن يطلقه عليه من تسمية؟
أي الرجلين أسبق عناية بالبحث في مدى توفر (الخيال) في الشعر الذي تناقلناه عن العرب أو عدم توفره؟
ثم ما الذي أثبته كل من الرجلين في بحثه؟ وما أدلته على ما وصل إليه من نتائج؟ وإلى أي حد كانا فيما عالجناه من ذلك متفقين، أو مختلفين، أو بين بين؟
الأسئلة التي يمكن أن تثار هنا كثيرة، والإجابات عليها قد تؤلف بحثاً مطولاً، رغم أن منطلقها بسيط -ظاهراً- كما سبق.
وعلى كل، فالموضوع يحتاج إلى دراسة جادة للكتابين، وإلى مقارنة واعية، وتحليل ودعم.