للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: ٥٢] ".

لم يخرج المفسرون بشأن أيوب عن شؤون جميع الأنبياء، ولم يجعلوه بدعاً من الرسل، وإنما فهموا الآية على ما تدل عليه ألفاظها العربية، وحملوها على معنى فيه حكمة وعبرة، وهم يعرفون أن الأنبياء - عليهم السلام - يصابون بإعراض قومهم عن دعوتهم، وأن لكل نبي عدواً من المجرمين، ولا يلزم من هذا حملُ كل آية وردت في قصة رسول على معنى إصابته بإعراض القوم، وصد الشيطان عن سبيله متى كانت صريحة، أو ظاهرة في غير هذا المعنى.

وقال صاحب المقال: "وفاتهم رابعاً: أنهم بهذا التأويل قد خرجوا بالآيات عن سنن القصص التي جاء بها القرآن؛ فإنه لم يقص علينا - فيما حدثنا به عن أنبياء الله ورسله - إلا ما يتصل بأمر الرسالة، ويرتبط بسير الدعوة للعظة والعبرة، وماذا في قَصِّه علينا مرضَ أيوب من عبرة، وهو لا يحدثنا إلا بما فيه أبلغُ العبر؟ وماذا فيه من خطير الشأن، وهو لا يحدثنا إلا بحوادث ذاتِ شأن خطير؟ ".

لم يخرج المفسرون بالآيات عن سننِ القصص التي جاء بها القرآن: وسننُ القصص في القرآن: أن يحدثنا عن الرسل - عليهم السلام - بما فيه حكمة أو موعظة، ولا فرق بين أن تكون هذه الحكمة أو الموعظة مرتبطة بسير الدعوة، أم راجعة إلى ناحية أخرى من نواحي الهداية، أو السعادة أو الكرامة، كما حدثنا عن يوسف - عليه السلام -: أنه أُلقي في الجب، وبيع بثمن بخس، واستعصم حيث تهيج عاصفة الشهوة، وأوتي الملك، وحدثنا عن إبراهيم - عليه السلام -: أنه أمر في المنام بذبح ابنه، فلما تلَّه للجبين،