للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما تخيَّل كاتب المقال.

قال صاحب المقال: "وإذا كان الله قد أراد أن يعفي أيوب من يمينه، فماذا يمنعه أن يعفيه بدون تلك الحيلة، وهي منه، ومن أجله؟ ".

يقول أهل العلم: إن الكفارة لم تكن مشروعة في عهد أيوب - عليه السلام -، بل لم تكن مشروعة في صدر الإسلام، وإنما شُرعت بعدُ؛ بدليل قول عائشة - رضي الله عنها -: "لم يكن أبو بكر يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين". فالحالف في عهد أيوب - عليه السلام - ليس له إلا فعل المحلوف عليه، فأراد الله إرشاد أيوب إلى وجه أخفّ من الوجه المعروف لبرِّ يمينه، ومن الذي يستطيع أن ينكر أن الله تعالى قد يخفف بعض الواجبات المشتملة على مشقة، فيسقط بعضها، أو يقيم ما يشبهها من بعض الوجوه مقامها؟.

قال كاتب المقال: "وفاتهم سادساً: أن دلالة أيوب على هذه الحيلة، وشرعَها له تقريرٌ لمبدأ المراوغة والمحاولة، وهي آفة اجتماعية، وداء خلقي يتنزه الله تعالى أن يكون ذلك من تشريعه للناس؛ إذ لا يصلح معها أيُّ عمل، سواء ما ارتبط منه بالخالق، أو ارتبط بالمخلوق؛ لأنه لا يبقى منه غير صورته، ثم يمضي خالياً من السر الذي لأجله يستتبع العمل آثاره ونتائجه".

قلنا لكم: إن أيوب حلف أن يضرب بعض أهله أسواطاً معدودة، والمعروف: الضربُ بها مفرقة، فشرع الله له طريقة أخفَّ هي الضربُ بها مجموعة، وجعلها مجزئة في برِّ يمين أيوب، أو أيمان قومه عامة، وليس في هذا شيء من تعليم مبدأ المراوغة والمحاولة، وفي الضرب بالأعواد مجموعةً إيلامٌ، غيرَ أنه دون إيلام الضرب بها مفرقة، فلم يكن الضرب