لما استهدف له المصلحون العاملون من قبله من آثار المكائد والسعايات والدسائس، فأصبحت كل حركة تبدو من الطلبة محمولة على حسابه، ونظرته أعين المسؤولين شزراً، عندما أعلن طلبة الزيتونة الإضراب عن الدروس سنة (١٣٢٨/ ١٩١٠) باعتبار كونه المسؤول عن ذلك التحرر".
وعندما تضايق المتزمتون من علماء الزيتونة ورجال المجلس الشرعي من أفكاره التحررية والإصلاحية، أبعدته الحكومة عن العاصمة، وسمته قاضياً ببنزرت سنة (١٣٢٣/ ١٩٠٥)، وباشر التدريس والخطابة بجامعها الكبير، وضايقته السلط الاستعمارية على أثر إلقائه محاضرة بنادي قدماء الصادقية بالعاصمة سنة ١٩٥٦ بعنوان "الحرية في الإسلام"، فاستقال من خطة القضاء، وعاد للتدريس متطوعاً بجامع الزيتونة، وسمته النظارة العلمية عضواً في اللجنة المكلفة بوضع فهرس للمكتبة الصادقية (العبدلية) إحدى مكتبتي جامع الزيتونة.
واجتاز بنجاح مناظرة التدريس من الطبقة الثانية بجامع الزيتونة في سنة (١٣٢٥/ ١٩٠٧)، وفي العام الموالي عيّن مدرساً بالمدرسة الصادقية، وفي هذه السنة ألقى دروساً في الآداب والإنشاء في المدرسة الخلدونية.
قام بثلاث رحلات إلى الجزائر، المرة الأولى سنة ١٩٠٣، والثانية في رمضان (١٣٢٢/ ١٩٠٤)، والثالثة سنة (١٣٢٧/ ١٩٠٩)، فزار عدة مدن جزائرية، وألقى فيها المحاضرات والدروس، وفي سنة (١٣٣٠/ ١٩١٢) شارك في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى، فلم ينجح لغرضين؛ لأن لجنة المناظرة آثرت أن تقدم عنيه أحد أبناء البيوت العلمية الأرستقراطية، ولأنه من دعاة التحرر والإصلاح، وهي أمور تنقمها عليه اللجنة (وأعضاؤها من رجال الشريعة)،