وذاق مرارة الظلم والاضطهاد، وشهوة الإيذاء والوقيعة، لا سيما وهو من أنصار الجامعة الإسلامية (الذين يؤمنون بخدمة الملة الإسلامية خدمة لا تضيق بها حدود الأوطان)، وقام برحلة استطلاعية، وسافر العام نفسه إلى إستانبول؛ حيث كان بها خاله الشيخ محمد المكي بن عزوز، ومرّ بمصر والشام، ودوّن وصفاً اجتماعياً وأدبياً لهذه الرحلة نشرته جريدة "الزهرة". وعاد عن طريق البحر إلى تونس في ٢ أكتوبر ١٩١٢.
وبعد عودته منع من التدريس بالمدرسة الصادقية بحجة غيابه عن افتتاح المعهد بيومين، فقرر الهجرة إلى المشرق في نفس السنة، ومعه إخوته الأربعة، من بينهم: زين العابدين، ومحمد المكي، وزار مصر والشام والحجاز، وألبانيا، وتركيا، ومعظم بلاد البلقان، ثم استقر بدمشق، وعهد إليه بالتدريس في المدرسة السلطانية إلى سنة (١٣٣٦/ ١٩١٧)، وفي مدة إقامته بدمشق كتب المقالات، وألقى المحاضرات، ونشر بعض مؤلفاته.
دخل السجن بأمر من القائد التركي أحمد جمال باشا بتهمة علمه بالحركة السرية العربية المعادية للأتراك، ومكث سجيناً ستة أشهر وأربعة عشر يوماً، وخرج منه في ٤ ربيع الثاني سنة (١٣٣٥/ ٢٩ جانفي ١٩١٧) بعد محاكمته وثبوت براءته، وبعد ذلك استدعي إلى إستانبول حيث سمي مفتشاً بوزارة الحربية.
ثم سافر إلى ألمانيا صحبة وفد من العلماء، من بينهم: الشيخ صالح الشريف التونسي (ت سنة ١٣٣٨/ ١٩٢٠) مكلفاً بمهمة من قبل الحكومة التركية، ولبث بها قرابة تسعة أشهر، تعلم أثناءها اللغة الألمانية، وتردد بين