فأجابه الشيخ بقصيدة عنوانها:(الصداقة هي الرتيمة)، ومطلعها:
ما النجم تجري به الأفلاك غَسَقٍ ... كالدر تقذفه الأقلام في نَسَقِ
ومنها قوله:
هي الرتيمة فيما قال مبدعها ... وهل يغيب السنا عن طلعة الفلق
إني على ثقة من أنّ ذكرك لا ... ينفك مرتسماً في النفس كالُخُلق
وكيف أنسى (خليلًا) قد تضوَّع في ... حشاشتي ودُّه كالعنبر العَبِقِ
ولم ينس الشيخ بقية أصدقائه العلماء في دمشق، كما أنه لم ينس ما وجده في دمشق من تقدير واحترام، جعلاه يذكر تلك المرحلة من حياته في كل مناسبة، ويميزها عن بقية مراحل حياته. ويصف رحلته إلى الشام. فيقول:"هذه الأوطان الثلاثة: (تونس، وسورية، ومصر) التي قضيت بها عمراً غير قصير، وإذا كان فضل العلماء والمحققين، والأدباء المستقيمين، والرؤساء الراشدين قد غطى في تونس ومصر على ما أشرت إليه من مناوأة بعض الغافلين أو الجاحدين حتى أنسى، ولم تبلغ أن يكون لها في حياتي الأدبية أثر، فإن الأعوام التي قضيتها بين أهل دمشق، لم أشعر فيها -على ما أذكر- إلا برقة العطف، وحسن اللقاء أينما كنت، فإذا حننت إلى دمشق، فإنما أحن إلى الخلق الكريم، والأدب الأخاذ بالألباب، وقد شهد لها بهذه المزايا كثير من نزلائها العلماء والأدباء من قبلي".
ولما استقر في القاهرة بعيداً عن أهله وأقاربه وأصدقائه ومحبيه، تقدم إلى امتحان العالمية الأزهرية، فنال شهادتها، واتصل ببعض المصريين الذين عرفهم في زياراته السابقة لمصر، وتعرف إلى العلامة أحمد تيمور، وقدّر