وحط رحاله في البداية بدمشق عام ١٩١٥، حيث عُيّن أستاذاً في المدرسة السلطانية، فاشتغل بها سنتين، ثم تحول إلى تركيا وألمانيا، ثم عاد إلى دمشق عام ١٩٢٠.
وفي تركيا وألمانيا كان يدعو إلى الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، ولذلك فإن السلطات الاستعمارية أصدرت عليه حكم الإعدام عام ١٩٢١، فهرب إلى مصر لاجئاً سياسياً باعتبار أن فرنسا كانت تستعمر سورية أيضاً، واختياره لمصر يعود إلى أنها كانت تحت الهيمنة البريطانية.
وفي مصر انتمى إلى جامع الأزهر، وبدأ التدريس به عام ١٩٢٢، فلمع في الوسط العلمي والطلابي، وأسس رابطة تعاون جاليات أفريقية الشمالية، كما أسس جبهة الدفاع عن أفريقية الشمالية، التي قامت بدور فعال في توجيه نضال أبناء المغرب العربي.
وهذه التعليمات التأسيسية للجمعيات المغاربية تؤكد أن الرجل لم ينسَ تونس، فلم يخرج غاضباً عنها، إنما خرج غاضباً من فئة كانت تتحكم في التعيينات للطبقة الأولى بجامع الزيتونة، فلقد عمل ما في وسعه لخدمة النضال التونسي، وخدمة النضال المغاربي بصفة عامة.
ففي النصف الثاني من العشرينات إذاً لمع اسمه، وتعرف عليه جُلّ أهل المعرفة. وبدأت كتابته تكتسح البلاد العربية والإسلامية، فقد أسس عام ١٩٢٨ جمعية (الهداية الإسلامية) التي كانت تصدر مجلة تولى هو بنفسه رئاسة تحريرها، كما تولى رئاسة تحرير مجلات عديدة أخرى، آخرها مجلة "الأزهر" التي خصصها للدفاع عن جامع الأزهر .. وهذا الدفاع جعل منه رمزاً من رموز الجامع، ورمزًا من رموز المدافعين عن الإسلام بعيداً عن التعصب