وفي سنة ١٩٠٤ دخل إلى الساحة الفكرية من الباب الواسع؛ إذ أسس مجلة اختار لها اسم "السعادة العظمى"، كان لها الأثر الطيب على طلبة العلم وأهل المعرفة.
وبعد سنة واحدة تولى منصب القضاء في "بنزرت"، وباشر التدريس بجامعها الكبيرة حيث كان الخطيب الأول.
وفي عام ١٩٠٦ ألقى محاضرة على منبر نادي قدماء الصادقية بعنوان:(الحرية في الإسلام)، وهي المحاضرة العلنية الأولى في تونس عن الحرية لاستنهاض الفكر، وتحريك السواكن ضد المستعمر الفرنسي، وقد سجل بهذه المحاضرة أنه لن يكون من الصامتين، بل هو رجل وطني غيور، يحب بلاده، وهو على استعداد للتضحية.
ولأنه أحس بأن الساحة الفكرية والنضال الوطني يستدعي بقاءه في العاصمة، فإنه استقال من منصب القضاء ببنزرت، وانتمى إلى جامع الزيتونة لإلقاء دروس علمية متطوعاً.
وانتدبه المعهد الصادقي أستاذاً لتلاميذه عام ١٩٥٧، كما انتدبته الجمعية الخلدونية لإلقاء دروس الآداب والإنشاء على طلابها.
وفي سنة ١٩١٢ شارك في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى بجامع الزيتونة، فحرم من النجاح باطلاً حسب تأكيدات الكثير من العارفين بتلك الفترة، وبعضِ معاصريه.
ولقد فهم محمد الخضر حسين أن عملية محاربته ليست بسيطة، فحزّ ذلك في نفسه، واستفحل الإحساس بالقهر في أعماقه، فظلمُ الأقربين أشد على النفس من ظلم الآخرين، وخوفاً على مستقبله، هاجر إلى المشرق العربي،