للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الالتفات، وما إن سمع التلاميذ بهذا الاقتراح الخبيث، حتى قاموا بضجة ضد هذا التدخل الذي لا حق لهؤلاء المتطفلين فيه، وتبين لتلامذة "نفطة" الأباة من ذلك الوقت، كيف أن الوطنية أصبحت ألعوبة عند هذا البعض الذي صار لا يفكر في الاستعمار وكيف يقاومه، وإنما يفكر في الانتقام من عظمائنا، ويسعى في محو أسمائهم من عالم الوجود، فيا لها من أنانية لا تشرف صاحبها، بل وتبعده عن الوطنية الحقة، وتجعله في الحضيض".

أحببت "نفطة" من الوجدان، وشددت إليها الرحال في كل عام زرت فيه تونس، وبواحتها الرائعة، وتحت ظلال نخيلها اليانع قلت الشعر الذي يمثل صفاء المحبة لها. ومنه (١):

ضممتِ بصدرِكِ كلَّ الجمال ... وغيرُكِ ضمَّ الأسى والحجر

ربيعُك كلُّ فصول السنين ... ويسكن فوق سماك القمر

و (دِقْلةُ نورٍ) غذاء الحياة ... ونخلك أحلى صنوف الثمر

ومما قلته فيها أيضاً (٢):

قالت: أراك بذكر "نفطة" هائماً ... ماذا بها؟ حتى رماك هواها

إن كان واحتها سبتك بنظرة ... فهناك واحات الجمال سواها

فأجبتها: لو تعرفين محبتي ... لترابها وهوائها وسماها


(١) ديواني "قلب شاعر"، وقدمت الأبيات بقولي: "نفطة: واحة النخيل في جنوب تونس - إني أراها قطعة من الجنة".
(٢) ديواني "بثينة"، وذكرت في المقدمة: "أحببت نفطة مدينة النخيل في الجنوب التونسي، مثوى الجد مصطفى بن عزوز، ومولد العم الإمام محمد الخضر حسين".