للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليكون على ما عودت به سائر موظفيها من السكون والاستسلام في ظل مرتب، أبى عليه حزمه أن يكون ذلك المستضعف المغبون، فقدم تسليمه من وظيفته، ورحل للعاصمة متطوعاً بالقاء دروس بالكلية الزيتونية، وعندها عينته نظارة الجامع لتنظيم خزائن الكتب.

وفي سنة ١٣٢٥ تولى وظيفة التدريس بالجامع بصفة رسمية، وفي سنة ١٣٢٦ عين مدرساً بالصادقية، وانتخبته الخلدونية لإلقاء محاضرات في الإنشاء، فقام بهاته الوظائف أحسن قيام، وكان لا يفتر عن إتحاف الشعب ببنات أفكاره؛ كمحاضراته: (حياة اللغة العربية).

ولما قامت الحرب الطرابلسية، كان من أعظم الدعاة لإعانة المجاهدين في سبيل استقلالهم، وقام برحلة إلى الجزائر، زار فيها كر مدنها، وكان يلقي المحاضرات أينما حل، ويلاقي التعظيم والتبجيل.

وفي سنة ١٣٣٠ انتقلت عائلته إلى الشام، ونزلت دمشق، فالتحق بها ماراً بمصر، ثم سافر إلى الاَستانة، ودرس حالتها العلمية والاجتماعية، ورجع إلى تونس ١٣٣٠ في ذي الحجة، ونشر رحلته على بعض الجرائد التونسية، ورجع لما كان عليه، وأول محاضرة ألقاها بعد رجوعه: (مدارك الشريعة الإسلامية)، وعينته الحكومة التونسية في لجنة تبحث عن التاريخ التونسي، إلا أنه في شعبان من هذه السنة، عزم على مفارقة مسقط رأسه بتاتاً، والهجرة إلى الشرق.

سافر إلى الشرق بعد أن ودع أصدقاءه في الجزائر، حيث ركب من "عنابة"، فلما نزل بمصر، تعرف بكثير من دعاة الرابطة العربية، مثل: رفيق بك العظيم صاحب "أشهر مشاهير الإسلام"، والشيخ رشيد رضا صاحب