"المنار"، ثم سافر إلى الشام، فقوبل من طرف عظمائه بالترحاب، ونوّهت الجرائد هناك بمسامراته.
وعزم على زيارة الإمبراطورية العثمانية، فنزل جنوباً حتى المدينة المنورة، وصعد شمالاً حتى الآستانة، ومن هناك تعين مدرساً للغة العربية والفلسفة بالمدرسة (السلطانية) بدمشق، وكان مثابراً على إلقاء المسامرات، ونشر المقالات الإصلاحية في الجرائد، واهتم بوجه خاص بالمشكلة العربية التركية، محاولاً تجديد روابط الألفة بين السلطنة العظمى، والأغلبية من رعاياها.
ولما أعلنت الحرب العالمية الأولى، وتولى جمال باشا حكم المقاطعة السورية، كاد أن يكون أحد ضحايا الصرامة التي استعملها القائد مع كل من ينتمي إلى النهضة العربية؛ حيث ألقى عليه القبض بدعوى اطلاعه على حركة المتآمرين دون أن يحاول تنبيه السلطة من الأخطار، فاعتقله ستة أشهر وأربعة عشر يوماً، وظهرت براءته لما قدم للمحاكمة، فأطلق سبيله في ربيع الثاني سنة ١٣٣٥، ورجع إلى التدريس بالمدرسة العثمانية، ثم نظم مسامرات علمية ودينية عالية لبعض طلبته المنتهين.
واستمر على ذلك إلى أن استدعاه المركز سنة ١٣٣٦ منشئاً حربياً بالوزارة، كما عينته المشيخة الإسلامية واعظاً بجامع (الفاتح)، فبقي في وظائفه إلى سنة ١٣٣٧ التي فيها ارتباكات الآستانة، فرجع إلى دمشق، وما كاد يصلها، حتى عين عضواً بالمجمع العلمي العربي، ومدرساً بالمدرسة العثمانية، والمدرسة السلطانية، إلا أنه عزم على الذهاب إلى مصر محورِ النهضة العربية، فلم يباشر وظائفه تلك، فقصدها، وهناك في بلاد النيل ولي التصحيح بدار الكتب