المجاهدين في سبيل استقلالهم، والهلال الأحمر نفوذاً، وقد نشر بجريدة "الزهرة" الغراء قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
ردوا على مجدنا الذكر الذي ذهبا ... يكفي مضاجعنا نوم دها حقبا
ثم رحل إلى بلاد الجزائر، فزار قواعدها وأكثر مدنها، وكان يلقي المحاضرات العلمية أينما ارتحل ليلاً ونهاراً، وكان يلاقي التعظيم والتبجيل أينما حل، ثم رجع لتونس مستمراً على إلقاء دروسه في الكلية الزيتونية، والنشر في الجرائد من علميات وأدبيات.
وفي سنة ١٣٣٠ انتقلت عائلته إلى الشام، ونزلت دمشق، فالتحق بهم صاحب الترجمة ماراً بمصر، ثم سافر إلى الآستانة، فدخلها يوم إعلان حرب البلقان، فزار أهم مكاتبها، واختلط بأهلها، فدرس من حالتهم الاجتماعية والعمومية ما مكنه من نشر رحلة مفيدة على صفحات بعض الجرائد التونسية بمجرد رجوعه، وذلك في ذي الحجة سنة ١٣٣٠؛ حيث رجع لما كان عليه. وأول محاضرة اجتماعية ألقاها بعد رجوعه كانت في "مدارك الشريعة الإِسلامية وسياستها". وقد شاءت الحكومة التونسية أن تتعرف بعض الحقائق عن تاريخ تونس، فعينته في اللجنة المكلفة بذلك، فعمل فيها، إلا أنه في شعبان من هذه السنة عزم بتاتاً على مفارقة مسقط رأسه، والمهاجرة إلى حيث يهب النسيم من الشرق وإلى الشرق حراً.
* في المهجر:
سافر الأستاذ التونسي إلى الشرق، بعد أن ودّع أصدقاءه في الجزائر، حيث ركب من مدينة عنابة، فلما نزل مصر، تعرف بكثير من دعاة الرابطة العربية مثل: رفيق بك العظم صاحب "أشهر مشاهير الإِسلام"، والشيخ رشيد