وقصة الأستاذ الأكبر طويلة شاقة، مليئة بالمفاجآت، وهو من بيت علم ودين، فوالده الأستاذ الحسينُ بن علي، من الجزائر، وكان متصوفاً لا يعرف إلا العبادة، وشيخاً للطريقة الخلوتية، وله جامع باسمه في بلدة "نفطة" آخر بلاد تونس من جهة الجزائر، وهي البلدة التي ولد فيها الأستاذ الأكبر.
* أول ليلة له في مصر:
ويروي الأستاذ الأكبر قصة إفلاته من أيدي الفرنسيين، فيقول: إنه غادر دمشق بعد أن احتلها الفرنسيون بعشرة أيام، وكانت الأداة الإدارية ما تزال في يد الإِنجليز، فتمكن من الحصول على جواز خروج من دمشق، ورحل بطريق البر إلى القاهرة، وقضى أول ليلة فيها في "لوكاندة دار السلام" قريباً من مسجد سيدنا الحسين، وبات ليلته حتى الصباح.
وأشرق الصبح على اللاجئ الغريب، فأخذ يفكر أين يذهب؟ وهو لا يعرف مكاناً يذهب إليه في القاهرة، ومن يقابل؟ وهو لا يعرف شخصاً واحد بين ملايين المصريين، وماذا يعمل؟ وهو لا يرى طريقاً واحداً يسلكه للحصول على عمل في مصر.
* إلى الرواق:
وهبطت الفكرة مع وحي لا يدري مصدره، وَحْيٍ يحثُّه على الذهاب إلى أحد الأروقة في الأزهر الشريف. ودخل الرواق، فلم يعرف أحداً، ثم اتجه إلى رواق المغاربة حيث لم يهتد إلى وجه يعرفه، ولكن المغاربة اشتبه عليهم أمره، ثم عرفوه، ورحبوا به، وزاملوه، وأكرموه.