يجعلها وِجْهَته في مراحل الحياة. وسأتحدث في هذه الصفحات إلى إخواني من شباب المسلمين وكهولهم وشيوخهم عن مراحل حياة هذا الرجل المؤمن بالإِسلام؛ كما راقبتها فيه، أو علمتها منه من سنة ١٣٣٠ هـ إلى أن اختاره الله إليه.
ولد السيد محمد الخضر حسين عام ١٢٩٣ في بلدة "نفطة" من بلاد الجريد في الوطن التونسي. وأبوه من أسرة شريفة أصلها من الجزائر، وقد حدثني قبل ولايته مشيخة الأزهر عن ظهير من أحد ملوك المغرب الأدارسة إلى جد من جدود الشيخ يتعلق بنسبهم. وأرجو ممن صارت إليهم أوراقه أن يُعْنَوا بما فيها من أمثال ذلك؛ ليستعان بها في تدوين سيرته، وإرسال شعاع من نور على الأزمان التي عاشها في مراحل حياته.
وكانت أمه من صالحات النساء، وله فيها قصيدة "بكاء على قبر" لما بلغه خبر وفاتها سنة ١٣٣٥ م. وكان أبوها الشيخ مصطفى بن عزوز، من أهل العلم والفضل، له ترجمة في "تاريخ الوزير أحمد بن أبي الضياف"، وأبو جده لأمه محمد بن عزوز، من الأفاضل -أيضاً- وله ترجمة في كتاب "تعريف الخلف برجال السلف" للشيخ الحفناوي بن عروس. وخاله السيد محمد المكي بن عزوز، من كبار العلماء الصالحين، وكان موضع الإجلال والاحترام من رجال الدولة العثمانية في العهد الحميدي، وقضى الشطر الأخير من حياته في الآستانة برغبة من السلطان، وله مؤلفات معروفة. ولفقيدنا قصيدة في تأبينه ووصفه لمناسبة وفاته سنة ١٣٣٤ م أثبتها في (ص ١٨٠) من "ديوانه" في طبعته الثانية.
وفي سنة ١٣٠٥ هـ انتقلت أسرتهم من "نفطة" إلى العاصمة التونسية،