وكان فقيدنا في الثانية عشرة من حياته، وقد تأدب قبل ذلك بأدب الإِسلام، وتلقى كتاب الله، ومبادئ العلوم الشرعية والعربية. فلما نزلوا تونس، التحق بجامعها الأعظم "جامع الزيتونة"؛ وأخذ يتنقل في مراحل التعليم، وكان من أبرز شيوخه: العلامة الكبير الشيخ سالم بو حاجب، المتوفى سنة ١٣٣٩ هـ -رحمه الله-. ولفقيدنا أبيات في وصفه ورثائه هي في "ديوانه"(ص ١٠١).
وحوالي سنة ١٣٢١ هـ حصل على شهادة العالمية من جامع الزيتونة، وما لبث أن أصدر مجلة "السعادة العظمى"، وأخذ يساهم في النهضة العلمية والأدبية، ويباري رجالها لإحراز قصبات السبق طمعاً في مرضاة الله. وفي "ديوانه"(ص ٧٣) قصيدة نظمها في هذه الحقبة انطوت على روح الدعوة التي أنشأ هذه المجلة للقيام بها.
وفي سنة ١٣٢٤ هـ تولى قضاء "بنزرت" ومنطقتها.
وفي مساء ١٧ ربيع الآخر من تلك السنة ألقى محاضرة عنوانها:"الحرية في الإِسلام" في نادي (قدماء خريجي المدرسة الصادقية) بلغت ٦٤ صفحة، ودلت على نزعته المبكرة إلى الحرية، وفهمه السليم لرسالة الإِسلام من هذه الناحية.
ولم تطل مدة ولايته القضاء, لأن الجمع بينه وبين انطلاقه الفكري في بلد محتل بالاستعمار الملعون كان محاولة للجمع بين الضدين، لذلك رأيناه في سنة ١٣٧٣ هـ عاد مدرساً في جامع الزيتونة، ولعله فارق القضاء قبل تدريسه في الزيتونة، فتولى التدريس قبل ذلك في المدرسة الصادقية، وكانت المدرسة الثانوية الوحيدة في الوطن التونسي كله.
وفي مساء السبت ١١ شوال ١٣٢٧ هـ ألقى في نادي (الجمعية الخلدونية)