بتونس محاضرة عنوانها:"حياة اللغة العربية"، تحدث فيها عن أطوار هذه اللغة، وفصاحة مفرداتها، وحكمة تراكيبها، وتعدد أساليبها، وما تفردت به من إعجاز الإيجاز، وبدائع التشبيه، وارتقاء مستوى اللغة بارتقاء التمدن العربي. وتحدث عن العامية والعربية والفصحى.
وفي "ديوانه"(ص ٢٣) قصيدة نظمها سنة ١٣٢٨ هـ بعد ولايته القضاء والتدريس، يوجه بها أنظار القائمين على جامع الزيتونة إلى ضرورة العناية بتدريس الإنشاء، وتمرين الزيتونيين عليه؛ ليكون للوطن من علماء هذا المعهد الإِسلامي كتّاب بارعون، يؤدون مهمة الدعوة، ويقودون الأمة إلى أهدافها.
وفي تلك السنة مرت بتونس بعثة الهلال الأحمر العثماني قاصدة طرابلس الغرب بعد حملة البغي الإيطالي عليها، فنظم قصيدة يدعو فيها إلى معونة هذه البعثة وإعانتها، وهي في "الديوان"(ص ٣٣).
وفي السنة التالية (١٣٢٩ هـ) وجهت إليه التهمة ببث روح العداء للغرب، ولا سيما سلطة الحماية الفرنسية، فسافر إلى الآستانة متذرعاً بزيارة خاله السيد محمد المكي بن عزوز، ولما ظن أن الزوبعة هدأت، عاد إلى تونس بطريق نابولي. انظر:"ديوانه"(ص ١١٥ و ١٦٤)، ولما استقر به المقام، رأى أنه لن يطيق البقاء في ذلك الجو الخانق، فأزمع الهجرة منه نهائيًا، ووقع اختياره على دمشق ليتخذها وطناً ثانياً له، وقد مر بنا في مصر هذه المرة (سنة ١٣٣٠ هـ)، وسعدت بالتعرف به، واجتمع عندي بشيخنا الشيخ طاهر الجزائري، وأحمد تيمور باشا، والسيد رشيد رضا، وأضرابهم، وكثت وقتئذ أعمل في قلم تحرير "المؤيد".
ولما وصل إلى دمشق، كانت الحركة العربية في بدايتها، وكانت الأمة