تشرح حقيقة القياس، وتفصل شروطه، وتدل على مواقعه وأحكامه، ومن هذه المقالات تألفت رسالة "القياس في اللغة العربية" التي أعاد عليها نظره بمصر، ونال بها عضوية جماعة كبار العلماء وقمنا بطبعيها سنة ١٣٥٣ هـ.
وفي سنة ١٣٣٧ هـ ذهب إلى الآستانة، وكانت الحرب العالمية الأولى في نهايتها، والحالة في دولة الاتحاد والترقي مؤذِنَة بالزوال، فتوجه إلى ألمانيا، وقضى هناك سبعة أشهر؛ وكانت عودته منها في هذه المرة إلى دمشق رأساً. وهو يقول "الديوان"(ص ٢٠٠):
سئمتُ، وما سئمتُ سوى مُقامي ... بدارٍ لا يَروجُ بها بَياني
فأزمعتُ الرحيلَ، وفَرْطُ شوقي ... إلى بَرَدى تَحَكَّمَ في عِناني
هَلُمَّ حَقيبتي لأَحُطَّ رَحلي ... فَنَفْح زهورِ جِلَّقَ في تَداني
ووافقت عودةُ الشيخ إلى دمشق دخولَ الجيش العربي، وولاية فيصل ابن الحسين على سورية، وفيها اجتمعتُ بالشيخ مرة أخرى بعد عودتي من الحجاز لأتولى الجريدة الرسمية للحكومة السورية، وكنت أقوم بتأسيس المعهد العلمي، وأدير اللجنة الوطنية العليا مع المجاهد الكبير العلامة الشيخ كامل القصاب -رحمه الله- فكنت ألقى الشيخ الفقيد مراراً، ومن شعره يومئذ متضجراً من كثره أسفاره السابقة، ومتمنياً الاستقرار في دمشق المدينةِ التي أحبها، والأبيات في "الديوان"(ص ٤١):
أَنا كأسُ الكريم والأرضُ نادٍ ... والمَطايا تطوفُ بي كالسُّقاةِ
كَمْ كؤوسٍ هَوَتْ إلى الأرض صَرْعى ... بَيْنَ كفٍّ تُديرُها واللَّهاةِ
فاسْمَحي يا حياةُ بي لبخيلٍ ... جفنُ ساقيهِ طافِحٌ بِسُباتِ