والأستاذ خليل مردم يتوجع لمفارقة في الحياة يرجى بعدها اللقاء. فكيف تكون فجيعتنا فيه وهذا فراق لا لقاء بعده، إلا في يوم التلاق. وما أحرانا أن نتمثل بقول الشاعر يتوجع لفراق أخيه:
وكنت أرى كالموت من بين ليلة ... فكيف ببينٍ كان ميعاده الحشر
وهوَّن وجدي أنني سوف أغتدي ... على إثره يوماً وإن نفس العمر
أجل، كتب عليَّ هذا الموقف المحزن لأذكر حياة الأستاذ السيد الخضر الحافلة بالفضل والجهاد، وإعلاء كلمة الإِسلام والعروبة، والحفاظ على المجد الطارف والتليد، عملاً بسنة مجمع اللغة العربية المحمودة في تأبين من يرحل من أعضائه. وكان الشيخ - رضي الله عنه - يؤثر أن يُدعى له بعد موته، فذلك أحبُّ إليه من التأبين، وهو يقول:
تسائلني هل في صحابكَ شاعر ... إذا متَّ قال الشعرَ وهو حزين
فقلت لها: لا همّ لي بعد موتتي ... سوى أن أرى أخراي كيف تكون
وما الشعر بالمغني فتيلاً عن امرئ ... يلاقي جزاء والجزاء مهين
وإن أحظ بالرحمى فمالي من هوى ... سواها وأهواءُ النفوس شجون
فخلّي فعولن فاعلاتٌ تُقال في ... أناس لهم فوق التراب شؤون
وإن شئتِ تأبيني فدعوةُ ساجد ... له بين أحناء الضلوع حنين
وبلى، والله! كان للشيخ فوق التراب شؤون وشؤون، فهو حقيق أن يرثيه الشعراء والكتاب، وأن تفيض عليه الشؤون. وإن شؤونه لتفتح عليهم أبواب الكلام، وتحوك لهم جياد القصيد.
ألم يكن علماً من أعلام الإِسلام والعربية ذاع أمره وطاب ثناه؟ ألم